· تحتوي المكتبة على مليون كتاب فيما يبلغ عدد العناوين الكلي نحو 340 ألف عنوان
· تتميز المكتبة باحتوائها على مكتبات خاصة تعود في الأصل لأعلام من العلماء والمفكرين والأدباء.
· محمد حسن نوفلية: المكتبة لا تعتمد على القارئ العادي وإنما تصطاد الباحث الجاد من داخل وخارج الإمارات .
· سناء العيسى: يزور المكتبة شهريا نحو 500 شخص وأغلبهم يسألون عن المخطوطات والكتب النادرة.
تحقيق / محمد غبريس
كلما وقفت أمام مكتبة تتلألأ على أرففها الكتب القديمة والحديثة بما تمثله من معارف وعلوم إنسانية، أتذكر الكلام الكثير الذي يقال حول مستقبل الكتاب الورقي ومصيره في عصر الكتاب الإلكتروني والأقراص المدمجة والانترنت، ولكن حينما زرت مكتبة مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي وشاهدت ما لم أشاهده في حياتي، ووقفت أمام مكتبة ضخمة - تحتوي على مليون كتاب- يعجز اللسان عن وصفها، شعرت بأن الكتاب لا يزال بألف خير وسلام، خاصة أن هناك أشخاصا ينذرون أنفسهم وأموالهم في سبيل الحفاظ عليه، وأن هناك باحثين لا يروي ظمأ بحوثهم وموضوعاتهم إلا العودة إلى الكتاب الورقي.
" دبي الثقافية " زارت المكتبة التي بدت كبستان زاهر من الكتب النادرة والمؤلفات القيمة، واطلعت على محتوياتها وأقسامها وتعرفت إلى الدور الذي تلعبه في خدمة الباحثين والقراء، فكان لنا جولة مطولة بدءا من قاعة المراجع إلى قسم المكتبات، استمعنا خلالها إلى الكثير من الشرح والمعلومات فيما طرحنا بعض الأسئلة والاستفسارات، وقد صاحبنا في جولتنا هذه عمار الحاج علي، رئيس شعبة الإعلام في المركز.
مكتبات في مكتبة واحدة
أولا تعدّ المكتبة الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها مركز جمعة الماجد في تحقيق أهدافه السامية المتمثلة في الارتقاء بمستوى ثقافة الفرد والمجتمع. من هنا يحرص المركز ويسعى دائما إلى تنميتها وتزويدها بكل ما له قيمة علمية ثقافية متميزة في جميع فروع المعرفة، إذ لا يوفر جهدا أو وسيلة في شراء الكتب من مصادر مختلفة، وفي البحث عن الكتب النادرة وعن المكتبات الخاصة المعروضة للبيع.
لا تشعر بحجم هذا الجهد إلا حين تصل إلى المكتبة وتقف أمام أرفف عملاقة تمتد ّ في كافة الاتجاهات وبقياسات ضخمة، محتضنة بين ذراعيها مئات الآلاف من الكتب، تحار بها العقول، وتندهش عند رؤيتها العيون، فمن أين تبدأ؟ وأي كتاب سيستوقفك؟ ما هذا الصمت الذي يتسلل إلى كل مكان وكأن فيه صدى لحروف وكلمات تلتحف الصفحات والسطور وتأنس لحرارة المعاني والإبداع.
عندما ترى هذا الكم الهائل من الكتب، تتراقص في مخيلتك أرقام وأرقام، وتحتشد في مرأى عيونك تصورات وتخيلات، فلا أنكر أن المكان كان باعثا لأحلام جميلة، كيف لا وأنت في حضرة مليون كتاب بمختلف المجالات، فهناك يطلع لك المتنبي ويسلم عليك، وهنا يمسك بيدك المعري، وأمامك يقف ألف شاعر وشاعر..
هل تصدّق أن مكتبة مركز جمعة الماجد هي مكتبات في مكتبة واحدة؟! حيث تحتوي على سبعين مكتبة خاصة، ويبلغ عدد العناوين الكلي نحو 340 ألف عنوان يتميز بتنوع اللغات مثل العربية والفارسية والانجليزية والفرنسية، إضافة إلى مجموعات كبيرة من أوعية الوسائط المتعددة، ومجموعة من الدوريات القديمة والحديثة، التي يزيد عدد العناوين فيها على ثلاثة آلاف عنوان، ما بين دوريات قديمة ودوريات حديثة. هذا ويبلغ عدد النسخ المطبوعة من الكتب نحو 750 ألف نسخة..
أقسام المكتبة
تتكون المكتبة من أقسام عدة، سنتوقف عند قسم المعالجة الفنية،وقسم خدمات المستفيدين، وقسم المكتبات.أما القسم الأوّل – بحسب سناء العيسى ، رئيس شعبة خدمة الباحثين - فهو يتولى مسؤولية العمليات الفنية من تزويد وفهرسة وتصنيف لأوعية المعلومات بأشكالها المختلفة، ويستخدم في ذلك أحدث الطرق الآلية في الفهرسة والتصنيف مما يتيح للباحثين الحصول على المعلومات المطلوبة بكل دقة وبطريقة مبسطة وسريعة. ويتم العمل من خلال قاعدة بيانات متكاملة مبنية وفق نظام ( أوراكل ) مع تطبيق قواعد الفهرسة الأنجلو أمريكية، واستخدام خطة تصنيف ديوي العشري الطبعة " 21"، كما عمل المركز بالتعاون مع بلدية دبي ومؤسسة عبد الحميد شومان في الأردن على إصدار أداة مكتبية عربية سميت بـ " المكنز الموسع " ثلاثي اللغات ( العربية والانجليزية والفرنسية ) وقد صدرت النسخة المطبوعة من هذا المكنز عام 1996م في ثلاثة مجلدات، وفي عام 2001م صدرت النسخة الالكترونية من هذا المكنز بعد تحديثه، وهو صالح للاستخدام من قبل أقسام الفهرسة والتصنيف في كل من المكتبات العامة والمتخصصة والجامعية وحتى المدرسية. ويؤمن البحث في هذا المكنز العرض الهرمي للمصطلحات والبحث عن أي مفردة أيا كان موقعها.
ثم حدثتنا سناء خلال جولتنا في قاعة المراجع التي تضم 12 ألف كتاب، حول قسم خدمات المستفيدين، موضحة لنا أن هذا القسم معني بتقديم كل أنواع وأشكال الخدمات المكتبية والمعلوماتية للمستفيدين وبكل الطرق المتاحة، سواء كان عن طريق الحضور الشخصي للمستفيد أو الاتصال الهاتفي أو البريد العادي أو الفاكس أو البريد الإلكتروني. ويقدم خدمات المعلومات من خلال البحث الآلي المباشر في قواعد البيانات المتاحة في المركز، وتقديم خدمة البحث في الانترنت للمستفيدين، إضافة إلى الاطلاع الداخلي لكل الأوعية المتاحة بالمركز وخدمات التصوير والاستنساخ، طبعا لا ننسى الإعارة الخارجية لمواد المكتبة لمنسوبي شركات جمعة الماجد وكلية الدراسات الإسلامية والعربية.
من هم المستفيدون من المكتبة؟ تجيب سناء عن سؤالي قائلة:يستفيد من خدمات المكتبة الباحثون جميعا في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية، وكذا طلاب الدراسات العليا من داخل الدولة وخارجها.يمكن للباحثين والطلاب جميعا الاستفادة من محتويات المكتبة العلمية والثقافية عن طريق قاعة المراجع، التي تسع لثمانين شخصا في وقت واحد إضافة إلى قاعة مخصصة لخدمات الباحثات.
وتؤكد سناء أن أغلب الباحثين يسألون عن المخطوطات والكتب النادرة، مشيرة إلى أن نحو 400 – 500 شخص شهريا يزورون المكتبة.
قسم المكتبات
هنا نأتي إلى قسم المكتبات الذي يقع في مبنى آخر حتى يتسع هذا العدد من الكتب، وقد أخبرني محمد حسن نوفلية، رئيس قسم المكتبات أن المكان لم يعد يتسع للكتب فبدأ العمل على إيجاد مكان آخر.. ونفهم من كلامه أن المكتبة ستحتوي في السنوات المقبلة على ملايين الكتب.
شرح لي رئيس القسم عن مهام قسم المكتبات، وقال : إنه يتولى مسؤولية تنظيم وتداول أوعية المعلومات بأشكالها المختلفة وحفظها وخزنها وتأمين الظروف المناسبة لحفظ تلك الأوعية في بيئة تؤمن سلامة المواد فضلا عن إدامتها وصيانتها. كما يتولى القسم مسؤولية إعارة الكتب. وتتنوع موضوعات الكتب تنوعا يشمل مختلف المعارف والعلوم الإنسانية وخاصة العلوم الإسلامية في مختلف فروعها واللغة العربية والمعارف العامة والفلسفة والأدب العربي والأدب المقارن، والشعر والفنون والتاريخ والجغرافيا والرحلات والتراجم.
هنا سألته ما أهم ما يميز مكتبة مركز جمعة الماجد؟ قال: أهم ما يميز هذه المكتبة هو احتواؤها على مكتبات خاصة تعود في الأصل لأعلام من العلماء والمفكرين والأدباء من مثل العالم الشيخ عبد الغني عبد الخالق، والدكتور شكري فيصل، والمحقق سيد صقر، والتربوي الدكتور عبد الله عبد الدائم، والسيد بسيم الحصني ، وقد حصل المركز على المكتبات من أرجاء مختلفة في العالم العربي، وبطرق مختلفة أيضا، ويزيد عددها على أربعين مكتبة، حفظت كل واحدة منها كما هي برونقها تخليدا لاسم صاحبها، وشاهدا على علمه، واعترافا بفضله..
يتابع محمد حسن كلامه قائلا: توجد أيضا في المكتبة مكتبة الوسائط المتعددة وتشمل المواد البصرية والسمعية والاسطوانات المكتنزة والمصغرات الفيلمية والمجسمات وغيرها، كما توجد مكتبة الرسائل الجامعية التي تضم ما يزيد على 19 ألف عنوانا ما بين نسخ ورقية وأخرى مصورة على المايكروفلم والأقراص المكتنزة، ويبلغ عدد الرسائل الجامعية المطبوعة نحو 9 آلاف كتاب.
بالنسب إلى مصادر الكتب فيحددها رئيس قسم المكتبات بالآتي: شراء الكتب من دور النشر، الجرائد والدوريات،المكتبات الخاصة التي تعرض للبيع، إهداءات فردية ومؤسسات، التبادل مع المؤسسات الثقافية والاجتماعية، والرسائل الجامعية.
ماذا عن الكتب الممنوعة من النشر والتوزيع؟ يقول: إن أي كتاب ممنوع من النشر هو موجود لدينا ومتاح ولكن محدود الاطلاع.
وشرح لنا محمد حسن الفرق بين الأرفف المفتوحة التي تعني " ترتيب موضوعي للكتب" والأرفف المغلقة التي تعني " ترتيب رقمي للكتب ".
وأكد في الأخير أن المكتبة لا تعتمد على القارئ العادي وإنما تصطاد الباحث الجاد من داخل وخارج الإمارات وزبائننا من الخارج أكثر من الداخل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق