الثلاثاء، 8 فبراير 2011

الشاعرة صالحة غابش:أين دور المثقف الإماراتي؟!






·        حاضرنا في حاجة إلى عصارة الفكر لتغيير واقعه إلى اتجاهٍ أكثر تلبية لمتطلباتنا الثقافية الحضارية.
·        الجهد العربي الإسلامي غير كاف لتمكين ثقافتنا الإنسانية من الانتشار عبر قارات العالم كله.
·        لولا المبدعون العرب لأغلقت أبواب اتحاد كتاب وأدباء الإمارات من زمان.
·    المسرح الإماراتي بحاجة إلى الغوص في القضايا المعاصرة للمجتمع، وعدم الاكتفاء بالوقوف عند التراث وقصص الماضي.

حوار / محمد غبريس
من يقرأ سيرة الشاعرة الإماراتية صالحة عبيد غابش، سيجد أنّ لها تجربة أدبية ثرية، فهي منذ أن خطت خطوتها الأولى في درب الشعر، وضعت نصب أعينها طموحات وأحلام زاهية، حيث زرعت بستانها الملون وردة وردة، وأثبتت وجودها في الساحة الإماراتية والخليجية عبر مشاركاتها الكثيفة في أمسيات وندوات وفعاليات ثقافية في داخل الإمارات وخارجها، وقد تألقت بكفاءتها ومهارتها في الكثير من المواقع، إذ ترأست إدارة الشئون الثقافية في أندية الفتيات بالشارقة،  وشغلت منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأسرة في الشارقة ومديرة تحرير مجلة "مرامي" التي تصدر عن المجلس، وأخيرا تقلدت منصب المستشار بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة.
صالحة غابش حاصلة على شهادة بكالوريوس آداب قسم الدراسات الإسلامية واللغة العربية من جامعة الإمارات، وماجستير تمهيدي من كلية دار العلوم في جامعة القاهرة.لها العديد من المؤلفات الأدبية في مجال الشعر والقصة والكتابات المسرحية منها: " بانتظار الشمس"، "المرايا ليست هي"، " الآن عرفت"،  "بمن يا بثين تلوذين "، " نداء من هناك"، " الملكة..المرأة والسلطة".


·        حدثينا عن بداياتك الأولى؟وما أهم المحطات الأساسية في تجربتك؟ وماذا عن منجزك الإبداعي؟
بداياتي انطلقت من حب عميق لمادة اللغة العربية وتعلق شديد بالنصوص الشعرية التي درستها في مرحلة مبكرة من مراحل الدراسية، وازداد تعلقي بها وتفوقي في دراستها إلى درجة أردتُ خلالها استخدام حروفها في صياغة كتاباتي الخاصة.. وقد بدأت كتابة القصة القصيرة، ثم انعطفت إلى الشعر واستمررت أجول في فضائه، وإن كان الحنين لكتابة القصة يراودني بين آن وآخر.
أما عن أهم المحطات في تجربتي فهي إصدار الديوان الأوّل "بانتظار الشمس"، ومشاركتي في العديد من الأمسيات الشعرية في البلاد العربية، وكتابة رواية هي قيد الإصدار حالياً.

·        ما القضايا التي تجدين نفسك محاصرة بها، وتدفعك للتعبير عنها شعرياً؟
هي قضية الإنسان، إذ إنّ كلّ القضايا مختزلة فيها، لأنها القضية الأساسية في الحياة.. الإنسان وعلاقته بالأرض، وعلاقته بالكون، كذلك علاقته بالآخر، والمشاعر التي تكتنف هذه العلاقة. بل وحتى علاقته بذاته. كيف يفهمها وعلى أي نسق يريدها أن تمضي؟ وبماذا يفجر مكامن هذه الذات كي ترفده بالشعر والقصة والرواية والمسرحية وسواها؟
فحين أمرّ على مشهد حزين أكتب عنه وعن ذاتي التي استلهمت الحزن من المشهد.. إن أكثر ما يدفعني إلى الكتابة حقاً في تلك اللحظات التي أشعر فيها بالحصار وأريد أن أنطلق منه إلى الكتابة.

·        كيف تنظرين إلى المشهد الثقافي في الإمارات؟ وكيف تقيمين دور المثقف الإماراتي في هذه المرحلة؟
هناك حراك ثقافي على مستوى إمارات الدولة، كما هناك طموحات وآمال في أن يتخذ هذا الحراك مؤثراً في المسار الفكري والوجداني والثقافي لمجتمعنا.تردنا عبر الهواتف المتحركة رسائل الـ sms  محملة بالإعلانات المحفزة لحضور برامج ثقافية هنا وهناك. ونقرأ في الصحف والمجلات عن نتاج فكري لا بدّ أن يكون مؤثراً بشكل ايجابي عميق في المتلقي،لاسيما الفعاليات الثقافية الكبيرة ذات الطابع الإقليمي أو العالمي. في الشارقة ودبي وأبو ظبي.. تتعدد المشاريع الثقافية التي ترسم مستقبل الفرد والمجتمع ومن ثم ترسم مستقبل الوطن. وكذلك في الإمارات الأخرى.. ولكن السؤال: أين المثقف الإماراتي؟ إنّ سؤالك عن تقييم دور المثقف الإماراتي يحمل أكثر من بعد واتجاه وهو سؤال مشروع أتمنى أن يأتي اليوم الذي تكون فيه الإجابة عنه واضحة.

·        كيف تقيمين الإبداع النسائي القصصي في الإمارات؟ وما مدى حضور المرأة في المشهد الثقافي والإنتاج الفكري؟
الإبداع النسائي القصصي متطور ويواكب الحداثة في طرح الموضوعات الاجتماعية وقادر على سبر التفاصيل بما تتيحه رؤية المرأة المبدعة وعمق ثقافتها وقدرتها على قراءة الواقع، ولكن للأسف منقطع. بمعنى أن القصة القصيرة الإماراتية بقلم المرأة لا يستمر، فعند مستوى النضج الإبداعي توقفت كثيرات من الكاتبات وانشغلت الواحدة منهن عن إبداعها بأمور أخرى كالعمل والأسرة وربما لأسباب أخرى. مثلها مثل الشاعرات اللواتي توقفن عن نشر ما يكتبن ( ولا أظن أنهن توقفن عن الكتابة ذاتها).ومع ذلك فهناك أسماء جديدة بدأت تطلّ على ساحة الإبداع القصصي النسائي مثل: عائشة الكعبي وعائشة عبدالله وفاطمة المزروعي ونجيبة الرفاعي وسواهن ممن تبشر أقلامهن بإبداع متميز لا على المستوى المحلي ولكن على مستوى الوطن العربي إذا ما حظيت هذه الأقلام بالرعاية الكافية من قبل كل الجهات التي يعنيها إظهار إبداع الإمارات على المستوى الإقليمي .

·        يقولون إن المستقبل للرواية، فماذا تقولين أنت؟ وكيف ترين مستقبل الشعر؟
إنّ التصنيفات الزمنية للأعمال الإبداعية اختراع نظري لبعض من يعشقون التوقعات من دون أن ينظروا بعين الموضوعية للتجارب الإنسانية في الإبداع. فالشعر والقصة القصيرة والرواية والمسرح وسواها من الأصناف الأدبية موجودة الآن وحاضرة في الماضي وستبقى – إن شاء الله-  في المستقبل طالما هناك إنسان يعيش على هذه الأرض وإن كانت بنسب متفاوتة. قد يستحوذ أحدها على الأضواء حسب ما يتصف به العصر من اتجاه فكري ثقافي ولكن لا يعني أن الأصناف الأخرى ستكون ماضياً داثراً لا ذكر له إلا في الكتب والصحائف.
ثم دعونا من المستقبل ، لماذا نشغل أنفسنا به ما دام حاضرنا في حاجة إلى عصارة الفكر لتغيير واقعه إلى اتجاهٍ أكثر تلبية لمتطلباتنا الثقافية الحضارية؟ لقد قال الأولون: الشعر ديوان العرب. فليس من السهل أن يتراجع مئة في المئة تاركا خريطته كلها للرواية بحيث يصبح العرب من دون مستندهم الأساسي في الإبداع. فالمتغيرات تتطور وتتغير معها أشياء كثيرة في الحياة. ولكن التجارب الإنسانية الجميلة لا تنسى لأنها لا تترك مكانها ببساطة من تاريخ إبداعات البشر فيها.

·        كيف ترين قصيدة النثر حالياً؟ وماذا أضفت إلى الشعر العربي؟ وما موقفك من الذين لا يعترفون بشرعيتها؟
ليس لدي موقف من الذين لا يعترفون بقصيدة النثر فلكلّ إنسان رأيه وفكره واتجاهه. لكن المطلوب فقط احترام الاتجاهين من دون أن يكون كل اتجاه عدواً للآخر. إن قصيدة النثر كما نسميها نصا إبداعيا، وجدت لكي تقرأ وتخاطب الحياة عبر وجدانيات وفلسفات وأبعادٍ خيالية في الحياة. ولكن لأننا نعيش في زمنٍ جاء بأشكال إبداعية أدبية مختلفة يتيحه تداخلنا مع أمم أخرى بحيث صار العالم كما نردد قرية صغيرة، فإننا نبحث عن شرعية النثر باعتباره قصيدة، متجاوزين مقاييس القصيدة العربية التي وضعها آباؤنا وتفننوا فيها إلى درجة أدهشت أساتذة الآداب الغربيين وهم يدرسونها ويدرسونها لطلابهم. وليس هذا التأثر الوحيد الذي صادف شكل القصيدة ومحتواها.. فالتغير كان يلاحقها منذ أزمنةٍ بعيدةٍ أكثرها وضوحاً ربما تغيرها في العصر الأندلسي. ولكن –برأيي- أنه لا بدّ من إعطاء الأشياء مسمياتها، ففي ثقافتنا العربية الشعر شعر، والنثر نثر، ومع ذلك ، فإن الاختلاف في الرأي بهذا الشأن ليس بالقضية التي تستوقفنا في مسيرة الإبداع. فلكل قناعاته ، وهي قناعات  تثري التجربة الإبداعية. 

·        برأيك ما المشروع الثقافي الذي نحتاج إليه اليوم في منطقتنا العربية؟ وما دور المثقفين بخصوص ذلك؟
أهمّ مشروع ثقافي نحتاجه اليوم هو المشروع الذي يقدمنا إلى العالم، بحيث يعتمد على جذور هذه الثقافة، روحانيتها وجغرافيتها وتاريخها وإنسانها. فثقافتنا مكتنزة بما لا يوجد في الثقافات الأخرى، ولكن من المؤسف أن الجهد العربي الإسلامي غير كاف لتمكين ثقافتنا الإنسانية من الانتشار عبر قارات العالم كله، فيتعرف إلى حقيقتنا من خلالها ويغير النظرة الظالمة لعالمنا. والجهد الكبير الذي يقوم به  صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في مجال دعم الحركة الثقافية العربية الإسلامية أضحى  لافتا لانتباه العالم ، فحضور سموه في المحافل الثقافية والعلمية الدولية في دول أوروبا وأمريكا يستوقف المتابعين هناك ويدهشهم أن العالم العربي ثريّ بمشاريعه الثقافية والفكرية ليس منذ عصرنا الذي نعيش فيه، ولكنه ممتد عبر التاريخ إلى العصر الإسلامي ومن قبله وما بعده .. وبالرغم من أن كثيراً من العلماء والمستشرقين مطلعون على هذه الحقائق ولكنهم ليسوا معنيين بإظهارها لأسباب تتعلق بهم وبمصالحهم . إن المعنيين هم نحن، نحن أهل هذه الثقافة الرائدة إنسانياً، والتي تراجعت بيدنا نحن لا بيد سوانا.

·    كونك عضو في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، كيف تقرئين واقعه؟ وهل يلبي طموح المبدع الإماراتي بالدرجة الأولى وخاصة أن معظم نشاطاته تفتقر إلى الحضور الإماراتي؟
اتحاد كتاب وأدباء الإمارات هو صوت المبدعين الإماراتيين قبل غيرهم
ولكن لولا المبدعون العرب لأغلقت أبوابه من زمان .. فأين هم مبدعو الإمارات عن الاتحاد؟ يسألون هم .. ويسأل الاتحاد عن ذلك !  

·    ما رأيك بالحركة المسرحية في الإمارات وخاصة أنها تشهد في السنوات الأخيرة الماضية جملة من التطورات المتميزة؟

 لا شكّ أن الحركة المسرحية في الإمارات انتعشت مع أيام الشارقة المسرحية، فقد كانت حافزاً لإنتاج العديد من المسرحيات بدعم مادي ومعنوي من صاحب السمو حاكم الشارقة.. وانضم إلى هذه الأيام مهرجان المسرح التجريبي في الفجيرة. كما أن هناك اهتمام على كافة المستويات بالمسرح الإماراتي، وأعتقد أنه يحقق نجاحاتٍ طيبة في مسيرة تطوره. خاصة وأن الهيئة العربية للمسرح أعلنت عن قيامها في الإمارات بإمارة الشارقة. وهذا مؤشر إلى ما وصل إليه الشأن المسرحي كعروض ودراسات واهتمام ثقافي كبير به.ما أتطلع إليه أن يلتفت مسرحنا إلى القضايا المعاصرة لمجتمع الإمارات، وعدم الاكتفاء بالوقوف عند التراث وقصص الماضي وملامح الخمسينات والستينات وما قبلهما ربما في الأحداث.. والاستغراق في الأشكال التجريبية ومضامينها، فالحياة المعاصرة تموج بالأحداث. وأرى أن لها أهمية أكبر من أهمية البكائيات على المشهد القديم والفجة على المشهد التجريبي. ذلك أننا أبناء هذا الزمن الذي يفاجئنا كل يوم بمشهد حياتي يستحق أن يؤطر في إبداع مسرحي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق