الأحد، 16 يناير 2011

الفنان العراقي ســعد الجد: لوحاتي قريبة من الروح والقلب


لمعت في ذهن الفنان العراقي سعد الجد منذ سبع سنوات تقريبا فكرة إبداعية جديدة ومبتكرة تهدف إلى تطوير أدوات الفن التشكيلي والتوسع في تقنياته وخاماته من خلال ابتكار تقنية جديدة تحت مسمى «الجلد الصناعي المشغول» وهي عبارة عن مستحلبات مائية ذات كثافة عالية، يتمّ استخدامها في مجالات فنية عديدة، يأتي في مقدمها الرسم والفنّ التشكيلي وأنواعه إضافة إلى جميع أعمال الديكور.
يتحدث الفنان سعد الجد لـ «دبي الثقافية» عن هذه التقنية ويلقي الضوء على مختلف الجوانب فيها، مؤكداً أنها تعدّ أحد أشكال المحافظة على الهوية العربية الإسلامية، و إبراز الموروث الثقافي والتراثي، كما تعد نموذجاً للارتقاء بالقيمة الإبداعية والفنية، مشيراً إلى أنه أنجز منذ ابتكارها إلى اليوم الآلاف من اللوحات لأكثر من 200 نوع وقالب مختلف، حيث أقام العديد من المعارض، منها في: مرسى دبي وأل جي بي آر، ومركز برجمان ومركز ابن بطوطة للتسوق، ومركز الكراون بلازا ومدينة مردف/ أبتاون، ودبي فيستفال سيتي، ومركز ميركاتو، فيما شارك في أكثر من دورة لمهرجان دبي للتسوق وفي القرية العالمية إضافة إلى معرض البحار العربية بمركز دبي التجاري، كما شارك في معرض تناول التراثين الإماراتي والكيني.. وأخيراً شارك في معرضين في مدينة الدوحة بقطر..
وحول المراحل التي تمر بها عملية إنجاز اللوحة يشير الجد إلى أنّ اختيار الموضوع هو الخطوة الأولى في كل عمل فني، والمتمثل بتكوين الفكرة عن تشكيل اللوحة وتركيبها، ثم تأتي مرحلة التصميم حيث البدء بتنفيذ الفكرة بتأن ودقة، تليها مرحلة الحفر والنحت عبر طريقتين: أما الأولى فهي تتمثل بالنحت اليدوي، والثانية باستخدام التقنيات الحديثة مثل الحاسوب، لإبراز التفاصيل الصغيرة والدقيقة، ما يضفي لمسات جمالية ورونقاً خاصاً على أجواء اللوحة.
من جهة ثانية يرى الفنان سعد الجد أن التقنية الجديدة المبتكرة تتضمن مواصفات جمالية عالية أكثر من تلك الموجودة في الأعمال الفنية الخشبية والطينية، مضيفاً: لقد عملت طويلاً في صناعة الخزف، وكنت أواجه مشكلة تتعلق بوزن القطعة الخزفية متفاوتة الأحجام، ولأنني سعيت منذ البداية إلى استقطاب السائح الغربي بهدف إطلاعه وتعريفه على تراثنا وحضارتنا وثقافتنا، فبذلت جهوداً كبيرة في ابتكار هذه التقنية التي أستطيع من خلالها إنجاز أعمال متنوعة ذات وزن صغير جداً وسماكة رقيقة، وغير قابلة للكسر، وبأسعار في متناول الجميع، فضلاً عن ميزة مهمة جداً تتمثل باستخدام حاسة اللمس إلى جانب النظر بتلمس النقوش البارزة والنافرة في العمل بحسب موضوعه وفكرته، إذ يستطيع أي واحد منا تلمس الحروف المجسمة والأشكال البديعة والزخارف الرائعة..
ويؤكد الفنان سعد الجدّ سهولة التعامل مع هذه التقنية الجديدة وهي لا تحتاج إلى حرفية كبيرة وإمكانيات ضخمة، كما يمكن تحويلها إلى مهنة بعد تدريسها وإتقان قواعدها،لافتاً إلى أنّ تصنيع اللوحة بهذه التقنية يختلف عن التصنيعات الفنية الأخرى، وذلك لعدم الحاجة فيها إلى أدوات معقدة مثل الأفران والماكينات الضخمة وغيرها.
يضيف: لدي براءة اختراع مسجلة في دبي حول تقنية «الجلد الصناعي المشغول»، وقد أنجزت الآلاف من اللوحات عبر هذه التقنية، فانتشرت في كل أنحاء العالم، وهذا الأمر في حد ذاته براءة اختراع، مشيراً إلى أنّ اللوحة المصنوعة من التقنية الجديدة قد يصل عمرها إلى عشرات السنوات مع المحافظة على شكلها وألوانها. كما يؤكد الجد أنّ التقنية المبتكرة قابلة للتطوير كثيراً من خلال إضافة مواد أخرى إليها وتعزيزها بأفكار جديدة، موضحاً أنها يمكن استخدامها في مجالات عديدة مثل: الديكور والدروع وكروت المناسبات، كما يمكن استخدامها في المستقبل كوسيلة إعلامية وإعلانية من خلال توزيع آلاف النسخ مع المجلات والدوريات بهدف التعريف بثقافتنا وحضارتنا.
وعن مصادر استلهام لوحاته يقول الجد: لدي خلفية ثقافية وعندي اهتمام بالتراث والتاريخ حيث كنت أزور متحف العراق مرتين في الشهر، وكنت أتأمل كثيراً بمقتنياته وأدون ملاحظات عديدة حول ذلك، وفي الإمارات لاحظت الاهتمام الكبير بالتراث، الأمر الذي دفعني إلى الإطلاع على مكوناته وأدواته، وأنجزت لوحات عديدة عن العمارة الإماراتية التي تجسد البراجيل والأبواب القديمة فضلاً عن طريقة البناء. كما أنجزت لوحات لآيات قرآنية وأسماء الله الحسنى إضافة إلى الخرائط والأماكن المقدسة، وهناك لوحات مميزة للتراث من أجملها قصيدة أنوار زايد لصاحب الســمو الشـــيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي. يقول الجد: لا أؤمن بفن لا يؤثر في الآخرين، وأرفض أن يكون الفن للنخبة فقط أو للأغنياء والميسورين، وإنما هو لكل الناس، الكبير والصغير، الغني والفقير، ومن مختلف الجنسيات والثقـــافات، لذلك تجــد لوحاتي أنها قريبة من القلب والروح وتحرك الوجدان وتفرح القلوب.
يختتم الفنان العراقي حديثه لنا قائلاً: إن الأساليب والتقنيات الفنية التي تعدّ أحد عناصر التوثيق في التـاريخ البشـري قد توجـت عبر مـراحـل عـديدة من الزمن، بدءاً بتقنيات صناعة الفخار التي عرفتها بلاد ما بين النهرين، وعبر لوحات البردة التي نقلت تاريخ المصري القديم وعلى جلود الحيوانات وجريد النخيل وصلتنا أولى نسخ القرآن، كما أن الخزف الصيني كان عبارة عن وثائق لدراســة التاريخ الصيني، وابتكار الورق في الصين نقــل البشرية نقـلة نوعـيـة في التوثيــق والإعلام، من هذا المنطلق أستطيع أن أؤكـد أن هذه التقنية هي تقنية العصر الحديث وهي أحد أشكال حوار الحضارات.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق