الأربعاء، 11 يوليو 2012

«نبض الأقحوان» شعر بإيقاع النبض



كلام... كلام...


«نبض الأقحوان» شعر بإيقاع النبض

بقلم : آمال مختار


يعبّر كل إنسان عن مكنون مشاعره بطريقته التي تليق بشخصيته، ولكل شخص أسلوب يتماشى وإرثه الجيني من ناحية وزاده التربوي والثقافي من ناحية أخرى.
لذلك لا يجب أن تستغرب مثلا إذا ما رأينا من يعبّر عن مشاعره بلغة القسوة التي قد تصل الى حدود العنف أحيانا... أما ما تعودنا عليه من التعبيرات المتعارف عليها من شتى أنواع الفنون فهو في النهاية الطريق الأساسية للشخصية الحساسة جدا التي تجد في التعبير الفني ملاذها، أما إذا ما انضافت الى ذلك الموهبة فإننا سنكون بالتأكيد أمام الابداع الذي يحقق الخلود لا محالة.
من بين كل أشكال الفنون يبقى الشعر أول الفنون وأكثرها قدرة على ترجمة مشاعر الانسان الى لغة وصور جميلة.
ولئن شهدنا عبر التاريخ الشعري العربي قضية الموزون والشعر الحرّ فإننا في النهاية نظلّ أمام صور شعرية راقية ولغة شفافة هي جوهر الشعر في حدّ ذاته مهما كانت الطريقة التي تقدّم بها للقارئ.
ودون الغوص في هذه القضية التي لازالت تحظى بالجدل المناسب لمكانة الشعر عند العرب يختار الكثير من الشباب شعر النثر أو الشعر الحرّ كتعبير فني لا يخلو من جمالية وشاعرية.
وهذا ما يمكن لقارئ المجموعة الشعرية :«نبض الاقحوان» للشاعر اللبناني محمد غبريس أن يلمسه في نصوص حبلى بالمعاني الراقية للحبّ والحالات النفسية التي يمكن لكل إنسان أن يشعر بها .
واذ يعتبر أن الشعر صديقه الوحيد في الدنيا فهو الذي يأخذ عذاباته وأسراره واحزانه وهو الذي يأخد بيده فإنه في قصيدة أخرى يعتبر أمّه الوطن الذي يلوذ اليه اذ يقو ل:
«أنت قنديل عندي
كوني بلادي،
والصباحات، لعينيّ مناري، اذ هي الأيام
ضاقت بخطاها
فذراعاك سريري
ودياري.»
بعد الشعر والأم تأتي العائلة لتجسّد شكلا آخر من أشكال الاحتواء لذات الشاعر الحائرة وغير المستقرة رغم مظاهر الهدوء الخداعة، وما قصيدة «هناك من يلاحقني» إلاّ دليل على حيرة الشاعر الوجودية فيرسم خلالها شخصية تلاحقه وتراقبه لنعرف أنها في النهاية الوجه الآخر للشاعر الذي يقسّم شخصيته الى شخصيتين واحدة عادية تمشي في الشارع وتأكل الخبز وثانية هي الشاعر ذو الروح المرهفة والحساسة التي تشعر بما لا يشعر به الآخرون وترى ما لا يراه الآخرون، وفي آخر هذه القصيدة يقول:
 «...صرت أعرف من
يلاحقني
طوال سفر
فكنت أنا
شبيهي في القصيدة
آخري في نبض
قلب
واكتمال قمر!»
عن الحبّ والشعر والوطن، عن فلسطين والغربة والحزن والوحدة في ليل الشاعر الطويل تمحورت هذه المجموعة الأولى للشاعر محمد غبريس الذي يشغل الصحافة والاعلام غير أن ذلك لم يمنعه من كتابة الشعر الذي وجد فيه الملاذ للتعبير عما يشعر به كفنان جرّب فعل الحياة والغربة والفراق، جرّب الوجع الانساني الذي يبدأ منذ الصرخة الأولى لحظة الارتطام بالحياة عند الولادة ويتواصل طوال سفر الحياة بمختلف محطاتها القاسية غالبا والسعيدة نادرا.
محمد غبريس شاعر لبناني شاب يعد بشعر أكثر جودة وأكثر ابداع.